والعشق ينشئ في نفس
صاحبه نزعة صوفية وأخري فلسفية لا يمكن الحد بينهما، ولا يمكن الفصل بينهما معا
وبين الواقع وتعامله معه.
وأراني الآن في نزعة صوفية خيمت علي عقلي، وسلخت من نفسي معني الوجود الترابي، وأزالت من نفسي مظاهره الشاذة من علاقات، غير الحب بين أناسيه، وجلت الروح من كل هم وغم، ووضعت فيه مزيدا من التجرد والنحول المعرفي من كل شئ غير الحب، ونقلتني إلي صحراء جرداء لم يمر بها أحد من قبل، فهي نظيفة لم يتندس تاريخها الرحب بيد الإنسان وأثره.
وأراني الآن في نزعة صوفية خيمت علي عقلي، وسلخت من نفسي معني الوجود الترابي، وأزالت من نفسي مظاهره الشاذة من علاقات، غير الحب بين أناسيه، وجلت الروح من كل هم وغم، ووضعت فيه مزيدا من التجرد والنحول المعرفي من كل شئ غير الحب، ونقلتني إلي صحراء جرداء لم يمر بها أحد من قبل، فهي نظيفة لم يتندس تاريخها الرحب بيد الإنسان وأثره.
هنا أنا وحدي .. يلفحني وهج الشمس مثلما يلقي شعاعك الأول علي قلبي بعد غياب، فأبحث عن فيئة أستظل بها فما ثم صخر أو شجر، وهل انتظارك إلا فلاة موحشة لا أثر لظل فيها!
يتراءا لعيني السراب متلألأ بمائه العذب الفضي، فما أشبهه بشفتيك حين يغفو الوجود حولنا ويقف الليل حارسا، ويتردد بقلبينا نداء الشفاه الظامئة حتي إذا اقتربت منها تلاشت .. كسرابي الآن.
وأجدني عاريا من الدنيا ليس بيني وبينها أكثر من أنني فيها ولست منها، لا أحمل لها ذكري حسنة أو سيئة، إذ إنني منك ... إذ أنك أنشأت لي تاريخا جديدا وعمرا جديدا ودنيا جديده.
فيال طهارة الصحراء كيف يسير فيها ويتربي ثعابين وعقارب!
آه لها .. إنها ظنوني
وأوهامي وألمي وريبتي وخوفي.
هل نسيت أن أذكر لك أن العشق ينشئ أيضا في نفس صاحبه جبان لا يجرؤ علي التأوه خوفا، يتضعضع جسده ويتفتت كبده إن رأي ظله علي حائط.
وشجاع جرئ جسور لا يدع ذبابة أرقت أنفه حتي يسقطها نصفين.
أنت أيتها الجميلة
أنت أيتها الحبيبة
أنت أيتها الصحراء
أحبك حب التائه في العراء لماء السراب
وحب الظل المأمول في صحراء جرداء
وحب الجبان للآمان والشجاع للتتويج.
أحبك وكفي
عبد الحميد بشارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق