الأربعاء، 10 أبريل 2013

فلسفة الحب...1


يخيل إلي أحيانا أن الحب هو الطاقة التي بثت في هذا الوجود ليستقيم ، ثم بثت معه روافده التي يستقي منها قوته ، كالشمس والقمر والأزهار والطبيعة الخلابة ، وكل  وجه حسن في الوجود  ...
والحب ليس مفردا بذاته ولكنه آخذ من كل شئ حوله أجمله ، ثم تنصهر هذه الأشياء بداخله فيستقيم مع معانيها السامية الفاتنة ، ويلفظ ما دون ذلك .
ولا تتعجب من وصف الحب بالسهر والأنّات والوجع ، فهذا مبلغهم من العاطفة ، إذ يعرف الشئ بمدلوله أو عمله في الحياة ...
وكل تعريفاته تدور حول ذلك ... لكن الولوج إلي كنهه فلم أره ، وكأنه النار التي يصعب تحليلها إلي جزيئات لتدّرس في درس جاف الروح ... منزوع الحس ... باهت الوجدان.
ومن غرائب الحب أن اجتهد البعض لتعريفه فخرجوا بالوله والهيام والشغف.
ولعمرك ما تعريفاتهم إلا كمن عرف السيف بالحسام ، والحديث بالكلام فكلها دائرة حوله لم تبعد ... تصف عمله لم تزد ...
لكـن الحب سر مكنون أو طلسم مبهم تظهر آثاره ويستتر خلفها لا يبالي.
وهل السهد وطول الفكر والأرق وملازمة الطيف إلا دليلا علي وجوده دون الوصول إلى سره وسر هذا القلب !!!
إنه كالوجع الذي يستتر خلف آهات المريض دون رؤيته أو لمسه ، فلا ينزع باليد ، ولا مقارعة الدواء.
ومن غرائبه أنه استحدث للتعبير عنه قاموسه الذي يعبر به عنه وحده ، معرضا متعاليا عن كل كلمة جافة لا تناسب رونقه ودلاله ، حتي في شدة وطأته المؤلمة ؛ لم يشأ آلا يخرج حرفا  إلا إذا تشبع بمرارة التجربة مغموسا في آلمها.
والحب هو " هي " إذا مال القلب لها ، وشغفت النفس بها ، وانخلعت من وجودك لوجودها ، ولم تر في السماء من شمس ولا قمر سواها ...
فهي الحب .. ومن اجلها كان ، وهو ثوبها الذي حاكته الأماني بخيط  من شعورك الصادق وأمنيتك القلقة المزعجة المؤلمة.ٍ
وهي الألم المتوهج ... ان رحلت ، وقد كان ...


لـ..عبد الحميد بشارة

الأربعاء، 3 أبريل 2013

فنجـان قهـوة



جلست في شرفتها شاردة ، تنظر إلى فنجاني قهوة أمامها وكأنها تحدثهما ، يتردد بصرها بينهما وبين مقعده الشاغر، يدور بخلدها ذكرياتها الجميلة وقت خطبتها ... وقت أن كانا يزرعان أحلامهما معا ...
ولم تكن لتنسي حتي أصغر الصور التي رسماها ... ولو كانت لاحتساء القهوة ...
هي لم تكن تحبها أو تستسيغها ، ولكنه كان مولعا بنكهتها ؛ فأحبتها من بعض حبها له ، وكثير من الأشياء ارتضي قلبها أن ينفق عليها من حبه ؛ كي تستسيغها من أجله وأن تشاركه كل لحظاته وحالاته.
قال لها ذات مرة
-         اعلم أن القهوة مضرة ، ولكنها مضرة لذيذة أهواها
فقالت وهي تميل عليه في رقة ميل الزهر إذا داعبه النسيم
-         ولكني سأمنعك من كل ضرر
-         لا بل ستشاركينني احتساءها
فابتسمت قائلة
-         تريدني أن أشاركك ضررها ، أم لأبق بجوارك وبصحبتك
-         لا هذا ولا ذاك ، ولكن من لم يحسن تذوقها لا يحسن صنعها
فبهتت ابتسامتها وانذوت ، فداعبها واعتذر أنه لم يقصد ما فهمته
-         حبيبتي إن كل أحلامي أن تشاركينني كل أوقاتي ، ولا أجد نفسي - لحظة - مفردا دونك
فانفرجت شفتاها عن ابتسامة رضا وقالت
-         إذن سأشاركك ، ولكن علىّ أنا أن أضع طقوسها وتنظيم مواعيدها ، بعد الغداء كل يوم حين تشفق الشمس ، سيكون ذلك أرق وألطف.
فقال راضيا
-         وأنا لن أذوقها في عملي حتي أعود إليك
فقامت من جلستها فقال
-         إلى أين ...؟
-         سأحضر فنجانين من القهوة ، ألا تري الشمس قد أشفقت وأذنت بالمغيب
ثم ابتسمت بسحرها وأردفت قائله
-         وسيكون هذا أول فنجان قهوة في حياتي احتسيه لأجلك ...

اتصلت به هاتفيا لتأخر حضوره ، لم تكن لتميز صوته لطرقعات ( الدومينو ) بجواره ، فسألته عن هذا التأخير ، فأخبرها أنه بصحبة بعض أصدقائه في مقهي بجوار العمل ، وصل إلى سمعها انه يطلب من النادل قهوة ...
انتهت المكالمة ... وابتسمت ساخرة إلى قهوتها ، وقامت إلى مطبخها فأفرغتهما فيه ، ثم رجعت إلى شرفتها تتأمل الطريق في شرود وعلى وجهها سحب الأسي والحزن ...

تعليقات فيس بوك