يخيل إلي
أحيانا أن الحب هو الطاقة التي بثت في هذا الوجود ليستقيم ، ثم بثت معه روافده
التي يستقي منها قوته ، كالشمس والقمر والأزهار والطبيعة الخلابة ، وكل وجه حسن في الوجود ...
والحب
ليس مفردا بذاته ولكنه آخذ من كل شئ حوله أجمله ، ثم تنصهر هذه الأشياء بداخله
فيستقيم مع معانيها السامية الفاتنة ، ويلفظ ما دون ذلك .
ولا
تتعجب من وصف الحب بالسهر والأنّات والوجع ، فهذا مبلغهم من العاطفة ، إذ يعرف
الشئ بمدلوله أو عمله في الحياة ...
وكل
تعريفاته تدور حول ذلك ... لكن الولوج إلي كنهه فلم أره ، وكأنه النار التي يصعب
تحليلها إلي جزيئات لتدّرس في درس جاف الروح ... منزوع الحس ... باهت الوجدان.
ومن
غرائب الحب أن اجتهد البعض لتعريفه فخرجوا بالوله والهيام والشغف.
ولعمرك
ما تعريفاتهم إلا كمن عرف السيف بالحسام ، والحديث بالكلام فكلها دائرة حوله لم
تبعد ... تصف عمله لم تزد ...
لكـن
الحب سر مكنون أو طلسم مبهم تظهر آثاره ويستتر خلفها لا يبالي.
وهل
السهد وطول الفكر والأرق وملازمة الطيف إلا دليلا علي وجوده دون الوصول إلى سره
وسر هذا القلب !!!
إنه
كالوجع الذي يستتر خلف آهات المريض دون رؤيته أو لمسه ، فلا ينزع باليد ، ولا
مقارعة الدواء.
ومن
غرائبه أنه استحدث للتعبير عنه قاموسه الذي يعبر به عنه وحده ، معرضا متعاليا عن
كل كلمة جافة لا تناسب رونقه ودلاله ، حتي في شدة وطأته المؤلمة ؛ لم يشأ آلا يخرج
حرفا إلا إذا تشبع بمرارة التجربة مغموسا
في آلمها.
والحب
هو " هي " إذا مال القلب لها ، وشغفت النفس بها ، وانخلعت من وجودك
لوجودها ، ولم تر في السماء من شمس ولا قمر سواها ...
فهي
الحب .. ومن اجلها كان ، وهو ثوبها الذي حاكته الأماني بخيط من شعورك الصادق وأمنيتك القلقة المزعجة
المؤلمة.ٍ
وهي
الألم المتوهج ... ان رحلت ، وقد كان ...
لـ..عبد
الحميد بشارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق