السماء ملبدة بالغيوم، الضباب يخفي أسنمة التلال، الهضاب البعيدة اختفت تماما بما ينذر أن الضباب ماكث إلي حين وما ثمّ شمس مشرقة خلفها ، حتي أشعتها ستتكسر قبل الوصول للوادي وللنخيل.
صاحب الضباب صقيع يفتت العظم ويجفف الدم في العروق .. ومع مرور الوقت لم تشرق الشمس ... بل زاد الضباب كثافة وانتشارا، وزاد معه الصقيع المميت، حتي علا سعف النخيل ثلوج حارقة فتحول لونه الأخضر إلي داكن كئيب يبعث الحزن في كل نفس ...
ولم تتحمل النباتات الصغيرة ما تساقط عليها من ثلوج فتقصفت سيقانها وارتمت تيجانها علي الرمل الأثيف لتبعث الرثاء في كل قلب ...
ولم تجد الخراف مكانا بالوادي لتختبئ به من جحيم الثلوج المتزايدة بمرور الوقت، فعمّت أصوافها واخترقتها، حتي أخذت في الترنح والذوبان في سكرات الموت الأخيرة بلاصوت لتجمدها من الداخل في مشهد يبعث الدمع في كل عين ..
ما أقسي الموت حين تعجز عن مقاومته ولو بصرخة ..
لم يبق بالوادي نَسَمَة حية، امتلأ الوادي بأجداث النبات والحيوان، مسكينة الخراف، حتي تحلل جسدها وانتشار رائحتها العفنة في الوادي معلنة أن كان هنا خراف حرمت منه، مسكينة هي النباتات، ماتت قبل أن تشرق الشمس وقبل أن ترقص الفراشات على تيجانها ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق